Speech given at the opening of the 6th annual conference of the United Arab Lawyers - 01 February 1961

 

كلمــــة نقابــــة محامـــي دمشــــق

في حفل افتتاح المؤتمر الســـــــادس لاتحــــــــــــاد

المحاميـــن العرب المنعقــــــــد في 1/2/1961

التي ألقاها الدكتور مأمون الكزبـــــري نقيــب دمشــــــق

 

 

سيادة الرّئيس، حضرات الزّملاء، أيها السيدات والسادة

 

هذا هو المؤتمر السادس لاتحاد المحامين العرب، ينعقد على ضفاف النيل، في عاصمة الجمهورية العربية المتحدة.

 

انه المؤتمر السادس في تاريخ اتحاد المحامين العرب، ولكنه المؤتمر الأوّل الذي ينعقد على أرض الجمهورية العربية المتحدة، بعد قيام الوحدة المباركة بين اقليمها المصري والسوري.

 

ولئن كان المؤتمر الأول الذي انعقد في دمشق عاصمة الأمويّين عام ألف وتسعماية وأربعة وأربعين، تحت رعاية المواطن العربي الأول فخامة السّيد شكري القوّتلي، ايذانا" بنهاية عهد الاحتلال الأجنبي، وبشيرا" بقيام حكم وطني يدعو للوحدة العربية ويعمل لها، فان هذا المؤتمر الذي ينعقد في القاهرة عاصمة الفاطميّين تحت رعاية رائد القومية العربية سيادة الرّئيس جمال عبد الناصر، بداية النهاية لعهد التّفرقة والتّجزئة، وارساء لعهد جديد من الوحدة والتضامن. واننا معشر المحامين العرب لنستبشر خيرا" باجتماع وزراء الخارجية العرب في بغداد في الوقت الذي ينعقد فيه مؤتمرنا هذا، ونهيب بهم أن يكونوا على مستوى الشعوب العربية فيعالجوا قضايا الوطن العربي بروح التعاون الوثيق والتفاهم الصّادق النّزيه لما في خير العرب ومصلحتهم.

 

 

أيّها الســـــّادة

 

 

لقد توالت على الوطن العربي بين مؤتمرهم الأول ومؤتمرهم السادس هذا أحداث جسام، وكان كل مؤتمر ينعقد فيما بينهما، امّا دعوة لخوض معركة مع العدوّ، أو تسجيلا" لانتصار عليه، الاّ أنّ هذه المؤتمرات جميعا" كانت تعبيرا" عن الوحدة في المشرق والمغرب، وحدة النّضال ووحدة الأهداف ووحدة المصير.

 

ولئن كانت هذه المؤتمرات تدفع الأحداث حينا"، وتواكبها حينا" آخر، ولئن كانت هذه الأحداث قد فرضت على كلّ منها طابعا" قوميّا" بارزا"، الاّ أنها لم تكن تصرف الحامين عن القيام بدورهم كرسل للحقّ في المجتمع. انّهم يعلمون أن الحرّية لا تتجزّأ، والعدل لا يتجزّأ، لذلك انطلقوا الى عالم الفكر والنّضال، في 

حياتهم اليوميّة، وفي مؤتمراتهم الدّوريّة، رافعين لواء الحقّ الواحد والعروبة الواحدة، مدافعين عن حقوق الأفراد دفاعهم عن حقوق الشّعوب والجماعات.

 

ولم تكن مؤتمرات المحامين العرب تجمّعا" قوميّا" على صعيد الشّعوب فحسب، وانّما كانت تجمّعا" علميّا" لرجال القانون أيضا". فلقد أتت هذه المؤتمرات ثمارها العلميّة، في تبادل وجهات النّظر وتدارس القوانين والاتفاق على أسس توحيدها، وفي وضع مشاريع موحّدة لبعض القوانين الأساسيّة. انّنا لسنا بحاجة الى تعداد هذه الثّمرات، فالقليل منها الّذي ضمّته كتب تلك المؤتمرات في مختلف مواضيع القانون العام والخاص، ليكفينا مؤونة التّدليل والاثبات.

 

ونحن اليوم في هذا المؤتمر السّادس، أمام جدول أعمال يضع نصب أعيننا قضايانا القوميّة الكبرى وقضايانا العلميّة والمسلكيّة الهامّة، لنتساءل عمّا يميّزه من طابع خاص فنقول:

 

 

أوّلا": انّنا باجتماعنا على صعيد الجمهوريّة العربيّة المتّحدة الّتي جمعت شمل القاهرة ودمشق، انّما نشهد التّطبيق العملي لمبدأ من مبادىء القانون الأساسي لاتحاد المحامين العرب، الا وهو العمل لمصلحة الوطن العربي في سبيل تحريره وتطبيق أهدافه القوميّة.

 

 

ثانيا": ان اهتمامنا بقضايا الأفراد لا يصرفنا عن الاهتمام بقضايا الوطن العربي، فنحن معشر محامي الجمهورية العربية المتّحدة نؤمن مع سيادة الرّئيس جمال عبد الناصر بأنّ الدّعوة الحقيقيّة لأهدافنا، انّما تقوم على أساس أن يكون وطننا نموذجا" لمل ندعو اليه وأن العمل من أجل الوحدة العربيّة لا يدفعه الاّ أن تكون جمهوريّتنا تحقيقا" مستمرّا" متطوّرا" للأمل العربي. لذلك، فانّنا نرى أنّ دعوة مجلس الأمّة في الجمهوريّة العربيّة المتّحدة الى وضع دستور دائم للحكم فيها يفرض علينا نحن رجال القانون والتّشريع العمل في المضمارين القومي والعلمي كيما يأتي هذا الدّستور محقّقا" لرغبات الأمة العربية وصورة صادقة عن آمالها.

 

 

ثالثا": ان اهتمامنا بقضايا الوطن العربي لا يقلّ عن اهتمامنا بما يجري من حولنا، لذلك ان الحقّ لا يتجزّأ والكفاح في سبيل الأمّة لا يتجزّأ.

 

 

رابعا":  انّنا ندافع عن الحقّ والعروبة ولا نفرّق بينهما وحملنا السّيف في يد والعلم في أخرى انّما يفرضه علينا واجب الدّفاع المقدّس ولا بدّ لبناء العدل ونشر الهداية من محاربة الظّلم ومقاومة الضّلال.

 

 

 

 

 

 

 

أيّها السّــــــادة.....

 

 

لقد كانت رسالة المحامين وما زالت تأييدا" للحق حتّى ينتصر، ومحاربة للباطل حتّى ينهزم، ودفاعا" عن المظلوم حتّى يُنصف. ولكنّنا نحن معشر المحامين العرب لا نفرّق في هذه الرّسالة بين الدّفاع عن الأفراد والدّفاع عن الجماعات، ولا نهتمّ بحريّة المواطنين لنهمل حرّية الأوطان، انّها بالنّسبة لنا رسالة عمل كما هي رسالة قول في كل زمان ومكان.

 

لقد حملنا القدر عبء هذه الرّسالة، رسالة الحقّ والعروبة، وانّه لعبء شاق، يفرض علينا ان نعبّىء جهودنا ونحشد طاقاتنا، ويوجب أن نستخدم العلم والعقل كما نستخدم العاطفة والرّوح. واذا ما تحلّينا بالجدّ والمثابرة، وقدّرنا عظم المسؤوليّة ووضعنا نصب أعيننا سموّ أهدافنا، هانت علينا كل مشقّة، وأمكن لنا تحقيق اتّحادنا. 

 

فلنبتهل الى الله العليّ القدير أن يكلّل بالنّجاح أعمالنا ويمدّنا بالعزم والقوّة على اداء رسالتنا وخدمة أمّتنا، انّه نِعم السّميع العجيب.